الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: المغني **
قال أحمد: لا يركب دواب السبيل في حاجة ويركبها ويستعملها في سبيل الله ولا يركب في الأمصار والقرى, ولا بأس أن يركبها ويعلفها وأكره سياق الرمك على الفرس الحبيس وسهم الفرس الحبيس لمن غزا عليه, ولا يباع الفرس الحبيس إلا من علة إذا عطب يصير للطحن ويصير ثمنه في مثله, أو ينفق ثمنه على الدواب الحبيس وإذا أراد أن يشتري فرسا ليحمل عليه فقال أحمد: يستحب شراؤها من غير الثغر ليكون توسعة على أهل الثغر في الجلب. وإذا سبى الإمام فهو مخير, إن رأى قتلهم وإن رأى من عليهم وأطلقهم بلا عوض وإن رأى أطلقهم على مال يأخذه منهم, وإن رأى فادى بهم وإن رأى استرقهم أي ذلك رأى فيه نكاية للعدو وحظا للمسلمين فعل, وجملته أن من أسر من أهل الحرب على ثلاثة أضرب أحدها النساء والصبيان فلا يجوز قتلهم, ويصيرون رقيقا للمسلمين بنفس السبي لأن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ (نهى عن قتل النساء والولدان) متفق عليه وكان عليه الصلاة والسلام يسترقهم إذا سباهم الثاني الرجال من أهل الكتاب والمجوس الذين يقرون بالجزية فيتخير الإمام فيهم بين أربعة أشياء القتل, والمن بغير عوض والمفاداة بهم واسترقاقهم الثالث, الرجال من عبدة الأوثان وغيرهم ممن لا يقر بالجزية فيتخير الإمام فيهم بين ثلاثة أشياء القتل, أو المن والمفاداة ولا يجوز استرقاقهم وعن أحمد جواز استرقاقهم وهو مذهب الشافعي وبما ذكرنا في أهل الكتاب قال الأوزاعي, والشافعي وأبو ثور وعن مالك كمذهبنا وعنه لا يجوز المن بغير عوض لأنه لا مصلحة فيه وإنما يجوز للإمام فعل ما فيه المصلحة, وحكي عن الحسن وعطاء وسعيد بن جبير, كراهة قتل الأسرى وقالوا: لو من عليه أو فاداه كما صنع بأسارى بدر ولأن الله تعالى قال: وإن أسلم الأسير صار رقيقا في الحال وزال التخيير وصار حكمه حكم النساء وبه قال الشافعي في أحد قوليه وفي الآخر يسقط القتل, ويتخير بين الخصال الثلاث لما روي أن أصحاب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أسروا رجلا من بني عقيل فمر به النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال: يا محمد علام أخذت وأخذت سابقة الحاج فقال: أخذت بجريرة حلفائك من ثقيف فقد أسرت رجلين من أصحابي فمضى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فناداه: يا محمد, يا محمد فقال له: ما شأنك؟ فقال: إني مسلم فقال: (لو قلتها وأنت تملك أمرك لأفلحت كل الفلاح وفادى به النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ الرجلين) رواه مسلم ولأنه سقط القتل بإسلامه فبقي باقي الخصال على ما كانت عليه ولنا, أنه أسير يحرم قتله فصار رقيقا كالمرأة والحديث لا ينافي رقه, فقد يفادي بالمرأة وهي رقيق كما روى سلمة بن الأكوع أنه غزا مع أبي بكر, فنفله امرأة فوهبها النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فبعث بها إلى أهل مكة وفي أيديهم أسارى, ففداهم بتلك المرأة إلا أنه لا يفادى به ولا يمن عليه إلا بإذن الغانمين لأنه صار مالا لهم ويحتمل أن يجوز المن عليه لأنه كان يجوز المن عليه, مع كفره فمع إسلامه أولى لكون الإسلام حسنة يقتضي إكرامه, والإنعام عليه لا منع ذلك في حقه ولا يجوز رده إلى الكفار إلا أن يكون له ما يمنعه من المشركين, من عشيرة أو نحوها وإنما جاز فداؤه لأنه يتخلص به من الرق فأما إن أسلم قبل أسره حرم قتله واسترقاقه والمفاداة به, سواء أسلم وهو في حصن أو جوف أو مضيق, أو غير ذلك لأنه لم يحصل في أيدي الغانمين بعد. فإن سأل الأسارى من أهل الكتاب تخليتهم على إعطاء الجزية لم يجز ذلك في نسائهم وذراريهم لأنهم صاروا غنيمة بالسبي وأما الرجال, فيجوز ذلك فيهم ولا يزول التخيير الثابت فيهم وقال أصحاب الشافعي: يحرم قتلهم كما لو أسلموا ولنا أنه بدل لا تلزم الإجابة إليه, فلم يحرم قتلهم كبدل عبدة الأوثان. وإذا أسر العبد صار رقيقا للمسلمين لأنه مال لهم استولى عليه فكان للغانمين, كالبهيمة وإن رأى الإمام قتله لضرر في بقائه جاز قتله لأن مثل هذا لا قيمة له, فهو كالمرتد وأما من يحرم قتلهم غير النساء والصبيان كالشيخ والزمن والأعمى والراهب, فلا يحل سبيهم لأن قتلهم حرام ولا نفع في اقتنائهم. ذكر أبو بكر أن الكافر إذا كان مولى مسلم لم يجز استرقاقه لأن في استرقاقه تفويت ولاء المسلم المعصوم وعلى قوله, لا يسترق ولده أيضا إذا كان عليه ولاء لذلك وإن كان معتقه ذميا جاز استرقاقه لأن سيده يجوز استرقاقه فاسترقاق مولاه أولى وهذا مذهب الشافعي وظاهر كلام الخرقي جواز استرقاقه لأنه يجوز قتله, وهو من أهل الكتاب فجاز استرقاقه كغيره, ولأن سبب جواز الاسترقاق قد تحقق فيه وهو الاستيلاء عليه مع كون مصلحة المسلمين في استرقاقه, ولأنه إن كان المسبي امرأة أو صبيا لم يجز فيه سوى الاسترقاق فيتعين ذلك فيه وما ذكره يبطل بالقتل فإنه يفوت الولاء, وهو جائز فيه وكذلك من عليه ولاء لذمي يجوز استرقاقه وقولهم: إن سيده يجوز استرقاقه غير صحيح فإن الذمي لا يجوز استرقاقه, ولا تفويت حقوقه وقد قال على رضي الله عنه: إنما بذلوا الجزية لتكون دماؤهم كدمائنا وأموالهم كأموالنا. وسبيل من استرق منهم, وما أخذ منهم على إطلاقهم سبيل تلك الغنيمة يعني من صار منهم رقيقا بضرب الرق عليه أو فودى بمال, فهو كسائر الغنيمة يخمس ثم يقسم أربعة أخماسه بين الغانمين لا نعلم في هذا خلافا فإن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قسم فداء أسارى بدر بين الغانمين ولأنه مال غنمه المسلمون, فأشبه الخيل والسلاح فإن قيل: فالأسر لم يكن للغانمين فيه حق فكيف تعلق حقهم ببدله؟ قلنا: إنما يفعل الإمام في الاسترقاق ما يرى فيه المصلحة لأنه لم يصر مالا فإذا صار مالا, تعلق حق الغانمين به لأنهم أسروه وقهروه وهذا لا يمنع ألا ترى أن من عليه الدين, إذا قتل قتلا يوجب القصاص كان لورثته الخيار فإذا اختاروا الدية, تعلق حق الغرماء بها. وإنما يكون له استرقاقهم إذا كانوا من أهل الكتاب أو مجوسا وأما ما سوى هؤلاء من العدو فلا يقبل من بالغي رجالهم إلا الإسلام أو السيف أو الفداء قد ذكرنا فيما تقدم أن غير أهل الكتاب لا يجوز استرقاق رجالهم, في إحدى الروايتين. فأما النساء والصبيان فيصيرون رقيقا بالسبي ومنع أحمد من فداء النساء بالمال لأن في بقائهن تعريضا لهن للإسلام لبقائهن عند المسلمين, وجوز أن يفادى بهن أسارى المسلمين لأن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فادى بالمرأة التي أخذها من سلمة بن الأكوع ولأن في ذلك استنقاذ مسلم متحقق إسلامه فاحتمل تفويت غرضية الإسلام من أجله ولا يلزم من ذلك احتمال فواتها, لتحصيل المال فأما الصبيان فقال أحمد: لا يفادى بهم وذلك لأن الصبي يصير مسلما بإسلام سابيه فلا يجوز رده إلى المشركين وكذلك المرأة إذا أسلمت لم يجز ردها إلى الكفار بفداء ولا غيره لقول الله تعالى: ولم يجوز أحمد بيع شيء من رقيق المسلمين لكافر, سواء كان الرقيق مسلما أو كافرا وهذا قول الحسن قال أحمد: ليس لأهل الذمة أن يشتروا مما سبى المسلمون شيئا قال: وكتب عمر بن الخطاب ينهى عنه أمراء الأمصار هكذا حكى أهل الشام وليس له إسناد وجوز أبو حنيفة والشافعي ذلك لأنه لا يمنع من إثبات يده عليه, فلا يمنع من ابتدائه كالمسلم ولنا قول عمر ولم ينكر فيكون إجماعا, ولأن فيه تفويتا للإسلام الذي يظهر وجوده فإنه إذا بقي رقيقا للمسلمين الظاهر إسلامه فيفوت ذلك ببيعه لكافر, بخلاف ما إذا كان رقيقا لكافر في ابتدائه فإنه لم يثبت له هذه الغرضية والدوام يخالف الابتداء لقوته. ومن أسر أسيرا, لم يكن له قتله حتى يأتي به الإمام فيرى فيه رأيه لأنه إذا صار أسيرا, فالخيرة فيه إلى الإمام وقد روي عن أحمد كلام يدل على إباحة قتله فإنه قال: لا يقتل أسير غيره إلا أن يشاء الوالي فمفهومه أن له قتل أسيره بغير إذن الوالي لأن له أن يقتله ابتداء, فكان له قتله دواما كما لو هرب منه أو قاتله فإن امتنع الأسير أن ينقاد معه فله إكراهه بالضرب وغيره, فإن لم يمكنه إكراهه فله قتله وإن خافه أو خاف هربه فله قتله أيضا وإن امتنع من الانقياد معه, لجرح أو مرض فله قتله أيضا وتوقف أحمد عن قتله والصحيح أنه يقتله كما يذفف على جريحهم, ولأن تركه حيا ضرر على المسلمين وتقوية للكفار فتعين القتل, كحالة الابتداء إذا أمكنه قتله وكجريحهم إذا لم يأسره فأما أسير غيره فلا يجوز له قتله, إلا أن يصير إلى حال يجوز قتله لمن أسره وقد روى يحيى بن أبي كثير أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: (لا يتعاطين أحدكم أسير صاحبه إذا أخذه فيقتله) رواه سعيد فإن قتل أسيره أو أسير غيره قبل ذلك, أساء ولم يلزمه ضمانه وبهذا قال الشافعي وقال الأوزاعي إن قتله قبل أن يأتي به الإمام لم يضمنه, وإن قتله بعد ذلك غرم ثمنه لأنه أتلف من الغنيمة ما له قيمة فضمنه كما لو قتل امرأة ولنا, أن عبد الرحمن بن عوف أسر أمية بن خلف وابنه عليا يوم بدر فرآهما بلال, فاستصرخ الأنصار عليهما حتى قتلوهما ولم يغرموا شيئا ولأنه أتلف ما ليس بمال فلم يغرمه, كما لو أتلفه قبل أن يأتي به الإمام ولأنه أتلف ما لا قيمة له قبل أن يأتي به الإمام فلم يغرمه, كما لو أتلف كلبا فأما إن قتل امرأة أو صبيا غرمه لأنه كان رقيقا بنفس السبي. ومن أسر فادعى أنه كان مسلما, لم يقبل قوله إلا ببينة لأنه يدعي أمرا الظاهر خلافه يتعلق به إسقاط حق يتعلق برقبته فإن شهد له واحد, حلف معه وخلى سبيله وقال الشافعي: لا تقبل إلا شهادة عدلين لأنه ليس بمال, ولا يقصد منه المال ولنا ما روى عبد الله بن مسعود (أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال يوم بدر: لا يبقى منهم أحد إلا أن يفدى أو يضرب عنقه فقال عبد الله بن مسعود إلا سهيل ابن بيضاء فإني سمعته يذكر الإسلام, فقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: إلا سهيل ابن بيضاء) فقبل شهادة عبد الله وحده. [وينفل الإمام ومن استخلفه الإمام كما فعل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في بدأته الربع بعد الخمس وفي رجعته الثلث بعد الخمس] النفل زيادة تزاد على سهم الغازي ومنه نفل الصلاة, وهو ما زيد على الفرض وقول الله تعالى: : نقل أبو داود عن أحمد أنه قال له: إذا قال من رجع إلى الساقة فله دينار والرجل يعمل في سياقة الغنم قال لم يزل أهل الشام يفعلون هذا, وقد يكون في رجوعهم إلى الساقة وسياقة الغنم منفعة قيل له: فإن أغار على قرية فنزل فيها والسبي والدواب والخرثي معهم في القرية ويمنع الناس من جمعه الكسل, لا يخافون عليه العدو فيقول الإمام: من جاء بعشرة أثواب فله ثوب, ولمن جاء بعشرة رءوس رأس؟ قال: أرجو أن لا يكون به بأس قيل له: فإن قال: من جاء بعدل من دقيق الروم فله دينار يريده لطعام السبي, ما ترى في أخذ الدينار؟ فلم ير به بأسا قيل فالإمام يخرج السرية وقد نفلهم جميعا فلما كان يوم المغار نادى: من جاء بعشرة رءوس, فله رأس ومن جاء بكذا فله كذا, فيذهب الناس فيطلبون فما ترى في هذا النفل؟ قال: لا بأس به إذا كان يحرضهم على ذلك, ما لم يستغرق الثلث قلت: فلا بأس بنفلين في شيء واحد؟ قال: نعم ما لم يستغرق الثلث غير مرة سمعته يقول ذلك. ويجوز للإمام ونائبه أن يبذلا جعلا لمن يدله على ما فيه مصلحة للمسلمين, مثل طريق سهل أو ماء في مفازة أو قلعة يفتحها, أو مال يأخذه أو عدو يغير عليه أو ثغرة يدخل منها لا نعلم في هذا خلافا لأنه جعل في مصلحة, فجاز كأجرة الدليل وقد استأجر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأبو بكر في الهجرة من دلهم على الطريق ويستحق الجعل بفعل ما جعل له الجعل فيه, سواء كان مسلما أو كافرا من الجيش أو من غيره فإن جعل له الجعل مما في يده وجب أن يكون معلوما لأنها جعالة بعوض من مال معلوم فوجب أن يكون معلوما, كالجعالة في رد الآبق وإن كان الجعل من مال الكفار جاز أن يكون مجهولا, جهالة لا تمنع التسليم ولا تفضى إلى التنازع لأن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ جعل للسرية الثلث والربع مما غنموه وهو مجهول لأن الغنيمة كلها مجهولة, ولأنه مما تدعو الحاجة إليه والجعالة إنما تجوز بحسب الحاجة فإن جعل له جارية معينة إن دله على قلعة يفتحها مثل أن جعل له بنت رجل عينه من أهل القلعة, لم يستحق شيئا حتى يفتح القلعة لأن جعالة شيء منه اقتضت اشتراط فتحها فإذا فتحت القلعة عنوة سلمت إليه, إلا أن تكون قد أسلمت قبل الفتح فإنها عصمت نفسها بإسلامها فتعذر دفعها إليه, فتدفع إليه قيمتها فإن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لما صالح أهل مكة عام الحديبية على أن من جاءه مسلما رده إليهم فجاءه نساء مسلمات, منعه الله من ردهن ولو كان الجعل رجلا من أهل القلعة فأسلم قبل الفتح عصم أيضا نفسه, ولم يجز دفعه وكان لصاحب الجعل قيمته وإن كان إسلام الجارية أو الرجل بعد أسرهم سلما إليه إن كان مسلما, وإن كان كافرا فله قيمتهما لأن الكافر لا يبتدئ الملك على مسلم وإن ماتا قبل الفتح أو بعده فلا شيء له لأنه علق حقه بشيء معين, وقد تلف بغير تفريط فسقط حقه كالوديعة وفارق ما إذا أسلما, فإن تسليمهما ممكن لكن منع الشرع منه وإن كان الفتح صلحا فاستثنى الإمام الجارية والرجل, وسلمهما صح وإن وقع الصلح مطلقا طلب الجعل من صاحب القلعة, وبذلت له قيمتهما فإن سلما إلى الإمام سلمهما إلى صاحبهما, وإن أبي عرض على مشترطهما قيمتهما فإن أخذها, أعطيها وتم الصلح وإن أبي فقال القاضي: يفسخ الصلح لأنه حق قد تعذر إمضاء الصلح فيه, لأن صاحب الجعل سابق ولا يمكن الجمع بينه وبين الصلح ونحو هذا مذهب الشافعي ولصاحب القلعة أن يحصنها مثلما كانت من غير زيادة ويحتمل أن يمضي الصلح, وتدفع إلى صاحب الجعل قيمته لأنه تعذر دفعه إليه مع بقائه فدفعت إليه قيمته كما لو أسلم الجعل قبل الفتح, أو أسلم بعده وصاحب الجعل كافر وقولهم: إن حق صاحب الجعل سابق قلنا: إلا أن المفسدة في فسخ الصلح أعظم لأن ضرره يعود على الجيش كله وربما عاد على غيره من المسلمين في كون هذه القلعة يتعذر فتحها بعد ذلك, ويبقى ضررها على المسلمين ولا يجوز تحمل هذه المضرة لدفع ضرر يسير عن واحد فإن ضرر صاحب الجعل إنما هو في فوات عين الجعل وتفاوت ما بين عين الشيء وقيمته يسير, سيما وهو في حق شخص واحد ومراعاة حق المسلمين أجمعين بدفع الضرر الكثير عنهم أولى من دفع الضرر اليسير عن واحد منهم أو من غيرهم, ولهذا قلنا في من وجد ماله قبل قسمه: فهو أحق به فإن وجده بعد قسمه لم يأخذه إلا بثمنه, لئلا يؤدي إلى الضرر بنقص القيمة أو حرمان من وقع ذلك في سهمه. قال أحمد: والنفل من أربعة أخماس الغنيمة هذا قول أنس بن مالك وفقهاء الشام منهم رجاء بن حيوة, وعبادة بن نسي وعدي بن عدي ومكحول, والقاسم بن عبد الرحمن ويزيد بن أبي مالك ويحيي بن جابر, والأوزاعي وبه قال إسحاق وأبو عبيد وقال أبو عبيد: والناس اليوم على هذا قال أحمد: وكان سعيد بن المسيب, ومالك بن أنس يقولان: لا نفل إلا من الخمس فكيف خفي عليهما هذا مع علمهما وقال النخعي وطائفة: إن شاء الإمام نفلهم قبل الخمس وإن شاء بعده وقال أبو ثور: وإنما النفل قبل الخمس واحتج من ذهب إلى هذا بحديث ابن عمر الذي أوردناه ولنا ما روى معن بن يزيد السلمي, قال سمعت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: يقول: (لا نفل إلا بعد الخمس) رواه أبو داود وابن عبد البر وهذا صريح وحديث حبيب بن مسلمة (أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان ينفل الربع بعد الخمس والثلث بعد الخمس) وحديث جرير حين قال له عمر ولك الثلث بعد الخمس ولأن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ نفل الثلث, ولا يتصور إخراجه من الخمس ولأن الله تعالى قال:
|